مساحة إعلانية 728×90

المكانة الدينية لمحمد السادس


 الملك محمد السادس يستمد شرعيته في الحكم من المكانية الدنينية  والتاريخية التي يتمتع بها  داخل النظام السياسي المغربي و إن النظام السياسي في المملكة المغربية، عبر تاريخها الإسلامي، يقوم على أن تنعقد البيعة لأمير المؤمنين، وان  البيعات المكتوبة نصت على أن أمير المؤمنين هو حامي الملة والدين، وأن هذه المهمة تأتي على رأس المبادئ الكبرى المعروفة عند الفقهاء بكليات الشرع، وهي حماية الدين  والنفس والعقل والمال والعرض. فألية حفظ الدين بالدفاع عن الأرض، "حيث إن الأرض أول مقومات حياة الدين، والدفاع عنها بالجيش أعظم الجهاد، وآلية حفظ الدين بحفظ النفس، إذ يعتبر حفظ حياة الإنسان من القتل والعدوان، أبرز الشروط وأقدسها من منظور حماية الدين، وآلية حفظ الدين بحفظ العقل، حيث أنه إذا كانت الحرية ضرورية لمنطق الدين، فإن العقل ضروري لقيام الحرية".  
اضافة الى ان  الدين الإسلامي أحد مصادر شرعية حكم الملك، فهو (أي الملك) يحتكر الإنتاج الرمزي داخل الحقل الديني بوصفه أميرا للمؤمنين ويشرف على عملية مراقبة وتوجيه الفاعلين فيه. فالنظام السياسي ببلادنا يتميز بخاصية تجعله استثناءً وسط باقي الأنظمة داخل الرقعة الممتدة من المحيط إلى الخليج، فهو إذن يتسم بمركزية المؤسسة الملكية وسمو الملك على باقي المؤسسات والفاعلين، كما يتميز بتداخل السياسي والديني على مستوى شرعية الحكم، بحيث يقتات الأول من الثاني ويوظفه في شرعنة القرارات الصادرة عنه، والأمثلة في هذا الصدد متعددة، وأيضا لكون كل تواجد للحركة الإسلامية داخل الحقل الديني يعد بمثابة تشويش على الترتيبات المرسومة من طرف الملك وعلى نظام حكمه الذي نجده أصوليا في الداخل وليبراليا وعلمانيا نسبيا مع القوى الخارجية. فهذه السمات تعطي نوعا من الفرادة للنظام السياسي بالمغرب. فما هو وضع الديني والسياسي ضمن استراتيجية الملك محمد السادس؟ إنه السؤال الجوهري الذي بات يطرح نفسه بإلحاح بعد الأحداث الإرهابية الأخيرة، إذ سنحاول جاهدين ملامسة جوانب هامة مرتبطة به نظرا لتركيبته المعقدة، رغم أن حكم الملك محمد السادس لازال في بداياته ولم يراكم من التجارب ما يكفي للحديث عن الديني والسياسي ضمن استراتيجية حكمه.

الأكيد أن الأحداث الارهابية التي عرفتها العديد من المواقع (قندهار، نيويورك، الرياض، مدريد، الدار البيضاء...) ستفرض تنميطا للديمقراطية في البلدان التي تعرف تغلغل جماعات الإسلام الجهادي داخل نسيجها الاجتماعي، ولا يستبعد أن تتدخل القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من أجل فرض قوانين وإجراءات مؤسساتية بدأت تظهر مؤشراتها داخل بعض أنظمة الشرق الأوسط (السعودية..) مما يدفع باقي التيارات الإسلامية نحو الاعتدال والبحث عن موطئ قدم لها داخل النظام السياسي.

وانطلق محمد السادس في نفس السنة في اصلاح المجلس العلمي الاعلى وأئمة المساجد. ولم تستثن الجالية المغربية في الخارج من تلك الجهود حيث انشئ مجلس علماء مغاربة في اوروبا.
وفي يونيو الماضي، وتجسيدا لهذه الحملة انطلق المغرب في برنامج واسع لتاهيل ائمة المساجد في المدن والارياف. واعلن وزير الشؤون الاسلامية احمد توفيق "لدينا اكثر من 45 الف امام وتبين من احصائيات 2006 ان للاسف 82% من الائمة ليس لديهم اي مستوى تعليمي وانما هم فقط حافظون للقرآن".
وفي نفس السياق، تم تاهيل عددا من الداعيات ما يدل على رياح الانفتاح والحداثة التي تهب على الحقل الديني في المغرب. كذلك طال الاصلاح المعهد العالي للدراسات الاسلامية "دار الحديث الحسنية" التي كانت حتى الان تدرس العلوم الاسلامية والشريعة فقط وباتت تدرس ايضا مواد مثل الدراسات الدينية المقارنة واللغات القديمة منها والحية والعلوم الاجتماعية والاقتصادية.
وتجسد الاصلاح ايضا في اطلاق قناة تلفزيونية واخرى اذاعية مكرستين للاسلام. ومن الجوانب الاخرى لهذا الاصلاح تقديم منح بحثية للائمة والدعاة وخريجي جامعة القرويين للعلوم الدينية في مدينة فاس للدراسة في جامعات انغلوساكسونية. واعتبر الامين العام لحزب النهضة والفضيلة محمد خالدي انه لتفادي فتاوى كتلك التي اصدرها الشيخ المغراوي "يجب ان يكون رجل الدين ملما بعلم النفس والطب حيث لا تكفي حيازة شهادة في الدراسات الاسلامية ليكون المرء عالما".

هناك تعليق واحد:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.