أثر "ما بعد الحداثة" في التعليم نظرة عامة
تهدف هذه الورقة إلى
التعرف على القواعد الأساسية التي قام عليها توجه ما بعد الحداثة، حيث تعرضت إلى
قضيتين أساسيتين قام عليهما التوجه ما بعد الحداثي. الأولى نفي الحقيقة المطلقة
على المستوى الأنتولوجي، والثانية نفي الموضوعية والعقلانية على المستوى
الإبستيمولوجي. هاتان القاعدتان ـ وما تفرع عنهما من قواعد ـ كان لهما أثر كبير على عناصر العملية التعليمية
وعلى نظرية التعلم، حيث تغير دور المعلم من ناقل للمعلومات ومصدر لها إلى مهيئ
لبيئة التعلم، وتحول دور الطالب من متلق إلى منتج وصانع للمعرفة. كذلك تغيرت طريقة
التدريس من طريقة مباشرة تتمحور حول المعلم إلى طريقة الحوار والاستكشاف الذي يكون
فيه للطالب الدور الأساس، محاولا فهم ما حوله ثم فهم نفسه. أيضا ازداد الاهتمام
بالدور الاجتماعي في صنع المعرفة، مما أعطى الحقيقة بعدا نسبيا.
تمهيد
الحمد لله الذي هدانا
للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. والحمد لله الذي أضاء بنور الوحي
عقولنا، فصارت بهداه نورا يضيء لنا الطريق، ويهدينا إلى خالقنا، ويزيدنا خضوعا له
وعبودية نشرف بها على كثير من خلقه. وصلى الله وسلم على نبيه محمد الذي بلغ رسالة
ربه رحمة للعالمين وهداية للمتقين.
منذ
أن بدأ الإنسان الإعراض عن دين الله وهو يتخبط في دروب الفكر لاهثا في البحث عن
حياة سعيدة، حياة ينشد فيها الكمال، كما يراه هو. فعقله، بطبعه، تواق إلى اكتشاف
الغامض وارتياد المجهول ونزاع إلى البحث والربط بين الظواهر والبحث عن الأسباب
والإبداع والابتكار. هذه خصائص وضعها الله في العقل الإنساني لتستمر وتزدهر و
لتنموا الحياة على هذه الأرض، ولتقود المؤمنين للتفكر في ملكوت الله.
وذلك
العقل في الوقت نفسه فتنة! فتنة بما فيه من قدرات ورغبة في الانطلاق. فبعض العقول
تتصور أنها قادرة على الانطلاق بلا حدود، بل يجب أن لا يكون هناك حدود. ولم يكتشف
العقل تلك الحقيقة البدهية وهي أنه على سعيه وكدحه فإنه يعود من حيث بدأ. فهو كلما
اكتشف شيئا وظن أنه قارب النهاية، تبين له أن ما اكتشفه إنما هو دليل آخر على
محدوديته وأنه ما أوتي من العلم إلا قليلا. لكن هل هذا يجعله يتواضع ويستسلم؟ طبيعة
العقل تأبى ذلك! إلا إذا خالطها خضوع الإيمان الذي يلطف من حدة ثورانها. عند ذلك
تسكن إلى ربها وخالقها وتسبحه شاهدة بعظمته.. التي من آياتها عجز هذا العقل، رغم
ثورته، وانقلابه إلى صاحبه حسيرا حينا بعد حين.
وهذه
الورقة سوف تتعرض لاتجاه فلسفي كان له أثر في مناح شتى من الحياة، وهو الاتجاه ما
بعد الحداثي. وسوف تقتصر هذه الورقة على عرض مجمل لأصول هذا الاتجاه، وبيان أثر
تلك الأصول على العناصر الأساسية للتربية. وسوف تكتفي هذه الورقة بالوصف دون
الدخول في مناقشة تلك الأصول أو ما تبعها من آثار.
ما بعد الحداثة: نظرة عامة
ما
بعد الحداثة تيار فكري نشأ في الأصل وفي كثير من جوانبه ردة فعل لـ
"الحداثة". وما بعد الحداثة من التنوع والتدرج بحيث يصعب إيجاد تعريف
دقيق لها[1].
وتكاد تجمع المراجع على عدم إعطاء تعريف لـ "ما بعد الحداثة" لصعوبة
تعريفها[2]،
وبدلا من ذلك تقوم بتوصيف هذا المذهب[3]،
وذلك بمقارنته بنقيضة "الحداثة". فلكي يتضح مفهوم ما بعد الحداثة فلا بد
من مقارنته بمفهوم الحداثة.
والسبب في ذلك أن ما بعد الحداثة مفهوم
فضفاض وغامض[4]،
فهناك صور متعددة من ما بعد الحداثة. فهي تتدرج من الموقف الرافض للغلو العقلاني
الوضعي ورفض الاضطهاد الذي تمارسه الثقافة الغربية بآيديولوجيتها العلمية إلى أن
تصل إلى ما بعد الحداثة المتطرفة الثورية العدمية العبثية التي تدعو للثورة على
العقل والعقلانية من أساسهما وتصل إلى التشكيك حتى في البدهيات. مما حدا بأنصارها
إلى الكف عن توضيح ما هي "مابعد الحداثة" والإنصراف بدلا من ذلك إلى
توضيح ما ترفضه ما بعد الحداثة[5].
ولكن باختصار يمكن أن تعرف الحداثة
بأنها اتجاه فكري، يضم خليطا من التيارات، يجمعها رفض الأسس الأنتولوجية (أي الخاصة بطبيعة
الوجود) والمعرفية والمنهجية التي قامت عليها الحداثة أو على الأقل يجعلها محل شك.
ظهر مفهوم ما بعد
الحداثة بشكل واضح في السبعينيات من القرن العشرين الميلادي، في كتاب الفيلسوف
الفرنسي ليوتارد، (علم ما بعد الحداثة) وعنى بها التعددية الثقافية وتعدد أنماط
الحياة[6].
أسباب ظهور ما بعد الحداثة
من
المسلم به أن التحولات التاريخية الكبرى، خاصة الفكرية، لا يمكن أن تكون نتيجة
لسبب واحد بل عادة ما تحدث بسبب عوامل متعددة ومتداخلة، لكن يكون من بينها غالبا
عوامل أساسية وبارزة التأثير.
ويرجع
كثير من الباحثين أصول هذا المذهب الأولية إلى الفيلسوف الألماني الملحد نيتشه[7]،
الذي نادى بموت الإله[8]،
بمعنى موت الاعتقاد بالإله[9].
وكان شكاكا بدرجة مفرطة، فلم يكتف فقط بأن أنكر أن يكون ما لدينا من معلومات
صحيحا، بل أنكر أن يكون هناك طريقة للوصول للحقيقة أصلا. فهو لا يشكك فيما لدينا
من وسائل للمعرفة بل ينكر أن يكون هناك أمكانية للوصول لحقائق الأمور بتاتا. وقد
حمل نيتشه على (المطلق) ونادى بأن كل العلوم إنما هي اعتقادات ونظرات خاصة ينشؤها
كل لنفسه. والمسألة لا تعدو أن تكون منظورات (وجهات نظر) مختلفة، وليس لأحد الحق،
والحالة هذه، بأن يقرر أن رأيا أصوب من الآخر. فالحياة إذن عبث[10].
وقد انتهى به الحال إلى الانهيار العقلي.
وقد سار على خطى نيتشه متأثرا به
الفيلسوف الفرنسي مابعد الحداثي ميشيل فوكو، الذي يعتبر من أعمق المفكرين
المعاصرين أثرا في الفكر ما بعد الحداثي، والذي نادى بموت الإنسان[11]،
واتخذ موقفا معاديا للحداثة، من خلال نقد أحادي النظرة يغفل الجوانب الإيجابية.
وسعى لبناء منظور جديد للمجتمع والمعرفة والخطاب والسلطة والعلاقة بينها، مما جعله
مصدرا أساسيا للفكر ما بعد الحداثي[12].
فقد بحث فوكو العلاقة بين السلطة والحقيقة والمعرفة، وقال بأن المعرفة أثر من آثار
السلطة وتتكون بتفاعل اللغة السلطة
والمعنى. (سلاتري، 1995).
ويذكر
كثير من الباحثين سببين رئيسين لظهور هذا التيار.
تطور العلم
قد أثبتت البحوث العلمية ـ التي كانت
سلاح الحداثة الأكبر ـ بكشوفاتها الهائلة يوما بعد يوم ضآلة ما يعرفه العقل البشري
بالنسبة لما لا يعرفه. وأكدت تلك الاكتشافات بشكل غير مباشر محدودية عقل الإنسان،
وأنه ليس كما كان يتصور الحداثيون أنه هو "الإله"، بل أكدت على أنه
مخلوق صغير رغم كل قدراته الهائلة. بل إنه يعتريه الضعف والنقص كغيره من
المخلوقات، إلى درجة قد لا يوثق فيها بحكمه في بعض الأحيان. فاختلت النظرة إلى
قدرة العقل الذي هو مصدر المعرفة المطلق لدى التيار الحداثي، أو كما قال بعض
الباحثين، قامت الحداثة على العقل لكنها هي التي دمرت العقل[13].
فالاكتشافات العلمية، خصوصا بعد اكتشاف مبدأ اللا يقين والفيزيا الكمية، بينت
بطلان الأوهام التي حيكت عن قدرة العقل والعلم
وفندت حتميات القرنين التاسع عشر والعشرين[14].
"نجم عن تدمير الصورة النيوتونية [الميكانيكية] للعالم شيء من
التواضع [العقلي] وانتعشت الميتافيزيقيا وازداد الاهتمام باللامعقول ولم يعد العلم
بسيطا … وقد كشف النقاب عن كون غامض مقدر لجزء منه أن يبقى غامضا، كما وقذفنا
بأحجيات لا يستطيع العلم حل ألغازها داخل أعمق أعماق الحقيقة. وهكذا أصبح العلماء
أكثر تواضعا. وأخذوا يتحدثون عن الكون الغامض بدلا من حديثهم عن التقدم نحو
المعرفة الكاملة"[15].
ولذا ترى ما بعد الحداثة أن العلم محدود
وأنه تسبب في شقاء البشرية وأن "العلمية" وظفت آيديولوجيا لسيطرة
الثقافة الغربية على الثقافات الأخرى. وهذا قد يكون صحيحا لكن لا يعني هذا أن يبخس
العلم حقه فالعلم شيء وسوء تطبيقة أو أدلجته شيء آخر.
هذا
بالإضافة إلى ما لطخ به العلم من أوضار السياسة وتوجيهات السلطة، فينفي هابرماس
وجود حياد أو صفاء علمي، فالعلم في سياق العقلانية التقنية الحداثية تحايثه حسابات
السياسة أي إرادة السلطة، بالمفهوم
النيتشوي، وهو ما يتطلب نقد الوضعية والتيارات المعجبة بالعلم والنزعة التقنية،
فهذه كلها تعبيرات متنوعة للآيديولوجيا المكونة للحداثة التقنية[16].
ومن هذا نشأ تيار
"ما بعد الحداثة". فالعلم ـ كما يقول بعض أنصار "ما بعد الحداثة"
ـ الذي هو عماد الحداثة، هو الذي هدم الحداثة و قاد إلى "ما بعد
الحداثة". ففقد الثقة بالعلم قاد إلى ردة فعل تجاه الفلسفة التي كانت قائمة
عليه.
فقد الثقة بقضية التقدم
مر
الغرب بأزمات في القرن والعشرين وحروب بينت بطلان ما كانت تبشر به الحداثة من المستقبل
الزاهر والتقدم الموعود. فبعد الحرب العالمية الأولى خرج الغرب محطما ومتهالكا،
وفاقدا الثقة بعقيدة التقدم[17]،
يقول وليم إنج "لقد كان الإيمان بالتقدم هو القوة المحركة للغرب طوال ما
يقارب المائة والخمسين عاما، ولقد انتهى الغرب أخيرا إلى إدراك عبثية ذلك الإيمان
وعقمه"[18].
على النقيض من نظرة الحداثة المتفائلة بمستقبل البشرية، تنظر ما بعد الحداثة بكثير
من التشاؤم إلى المستقبل الذي تسير إليه البشرية في ظل النظرة الحداثية، فترى أنها
جرت عليها من الويلات أكثر مما أفادتها.
يقول
جارودي واصفا الوضع الذي آل إليه وهم التقدم الحداثي:
وتهاوت أوهام كثيرة، وهم رخاء
الرأسماليه الذى لا حدود له، وهم الديموقراطية التي كان يتصورها الناس على أنها
(جمهوريه الذوات الواعية ) وتصوروا وجودها يسمو على صالح الأفراد والجماعات، ...
وأوهام فلسفيه اخرى تقابل تلك الأوهام التاريخية: وهم المثالية الطيبة التي تصور
العالم على انه عالم شفاف ينعم بوجود عقل خالق ومنظم له[19].
هذه النزعات التلفيقية ذات النغمة الطيبه في عالم وجدت جميع المشاكل فيه حلا لها
من خلال التأليفات الروحيه واجهت فجأة امتحانا قاسيا في قلب الحياة نفسها وبتأثير
الأفكار التي إنبعثت من هذه الحياة وشاهدنا في بحر سنوات معدودات ان الفلسفات التي
كان قد كتبت لها السياده الكامله حتى ذلك الحين – على الأقل في الجامعات – قد
جرفها الطوفان وانقلبت الليبراليه العقليه إلى إتجاه عدمي فاشى وتحول المذهب
التفاؤلي الى وجوديه مأساويه[20].
تقوم ما بعد الحداثة
على قضيتين أساسيتين. الأولى على المستوى الأنتولوجي (أي ما يتعلق بطبيعة الوجود)،
والثانية ابستمولوجية (أي نظرية المعرفة).
والقضية
الأولى والأساسية التي تقوم عليها " ما بعد لحداثة" هي أنه ليس هناك
حقيقة مطلقة، أي حقيقة صادقة في ذاتها، بل إن الحقائق يصنعها المجتمع بجوانبه
الثقافية المتعددة لأفراده. فليس هناك "حقيقة" يجب أن يقر بها الجميع،
وليس هناك حق مطلق، بل الحقيقة تصنع عن طريق اللغة وفي داخل ذهن الإنسان لوحده.
وبالتالي فما يقال عن التقدم أو التطور الذي رافق "الحداثة" أو الذي
تدعو إليه ليس إلا خرافة، وما يقال عن قدرة العقل على "اكتشاف" الحقيقة
إنما هو وهم. فالحقيقة لا تكتشف، لأنه ما ثم حقيقة أصلا، وإنما الحقيقة
"تخلق" ولا تكتشف، فالإنسان هو الذي يخلق حقائقه. "فأفكارنا ليست
انعكاسا للواقع بل قراءة له، وهي قراءة تتخذ صيغا أسطورية وإيديولوجية ودينية
ونظرية، وكل منظومة معتقدية تعتقد أنها تمتلك الحقيقة وتميل إلى اعتبار كل ما
يناقضها ويخالف حقيقتها أكذوبة أو خطأ. إن فكرة الحقيقة هي المنبع الأكبر للخطأ،
والخطأ الأساسي يقوم في التملك الوحيد الجانب للحقيقة[21]". ولذلك كان من السمات الرئيسة لما بعد الحداثة
التأكيد على أن زمن بناء التصورات العامة حول العالم أو السرديات الكبرى meta-narratives
قد انتهى وأن عصر إنشاء النظريات الكلية وبناء الأنساق الجامعة قد تولى، خاصة بعد
أن ظهر الطابع التسلطي الهيمني لهذه النظريات وتبدت "إراد القوة" التي
تسيرها[22].
فليس
هناك حقيقة مطلقة، بل المعارف بنى اجتماعية يبنيها الإنسان، وهي حقيقة بالنسبة له.
فالإنسان أسير ثقافته، وهي التي تحدد له "حقائقه"، ولذلك ففرض تلك
"الحقائق" على ثقافات أخرى تسلط وظلم، مهما قيل عن وجود دليل
"عقلي" يسندها.
ففي
النظرة ما بعد الحداثية ليس هناك ذاتا أو حقيقة للفرد يبقى ملتزما بها وصادقا لها،
بل هوية الفرد دائمة التبدل والتشكل وتغير توجهها تبعا للتغير الدائم لعلاقاته[23].
وتفرع
عن هذا أصل آخر وهو التعددية multiplicity ، فما دام أنه ليس هناك حقيقة مطلقة، بل
الكل حقائق نسبية، فلا بد من قبول التفسيرات المتغايرة، والمتناقضة أحيانا،
للحقيقة. فالتعددية وتنوع التفسير والتصور أمر مقبول بل مرغب فيه في التوجه ما بعد
الحداثي.
القضية
الأساسية الثانية التي تقوم عليها مابعد الحداثة قضية إبستمولوجية (أي تتعلق
بطبيعة المعرفة، أو العلاقة بين الشيء المعروف وبين العارف أو الباحث)، وهي أنه ليس
من الممكن الفصل بين الملاحِظ والشيء الملاحَظ، أو بين الباحث والمبحوث. فالحقيقة
إنما هي تصورنا أو إدراكنا للحقيقة في سياق ذاتي واجتماعي محدد.
يتساءل
ما بعد الحداثيين: كيف نعرف أن الصورة التي في أذهاننا مطابقة للواقع الخارجي؟ لا
يمكن هذا، على ما يرون، إلا بأن يقف الإنسان خارج نفسه ويقارن بين ما في ذهنه وما
في الواقع الخارجي. وحيث أن هذا غير ممكن فليس لدينا طريقة لتأكد من أن هذه
المطابقة دقيقة. فليس لدينا إلا الشك.
فالنظرية
ما بعد الحداثية ترفض المعادلة الحداثية القائلة بالعقل والحرية، وتسعى إلى بيان
الإشكالية في الصيغ الحداثية للعقلانية بوصفها عامل اختزال وإلغاء وقهر[24].
وحيث تميل الحداثة إلى النظر للمعرفة والحقيقة على أنهما محايدتان وموضوعياتان
وتأخذان صبغة العالمية والعموم وهما وسيلة للتقدم والتحرر يحللهما فلاسفة ما بعد
الحداثة على أنهما عناصر متداخلة للسلطة والهيمنة[25].
هذا
هو أحد الأسباب التي دعت مابعد الحداثة
إلى القول بأن الموضوعية التجريبية العلمية غير موجودة. فطرحوا موضوع الإدراك، كيف
ندرك الواقع، وهل إحساسنا وإدراكنا يعكس الواقع الخارجي أم لا؟ ما بعد الحداثيين
يزعمون أنه لا يعكس، ويستدلون بأن الناس يرون الشيء نفسه بطريقة مختلفة. ويرجعون
هذا الاختلاف إلى الثقافة بمفهومها العام[26].
ويطيل ما بعد الحداثيون الكلام حول
اللغة وأثرها على تفكير الإنسان. ويرون أن الدراسات تؤيد انتقاداتهم لنظرة الحداثة
للعقل والحرية. وكثير من فرضيات ما بعد الحداثة تصدر من حقل علم اللغة (اللغويات)
الذي يبدو غامضا في كثير من الأحيان.
يرى
ما بعد الحداثيون أنه ليس هناك ذات مستقلة عن حقيقتنا الاجتماعية. فالثقافة
والمجتمع يصنعان (وبتعبير ما بعد الحداثيين: يخلقان) الأفراد كما يخلقان أفكارهم
واتجاهاتهم. ومن طرق صياغة المجتمع للأفراد اللغة.
يشير ما بعد الحداثيين إلى أن الإنسان
يتفاعل دائما مع الحقيقة من خلال اللغة. فكل النشاطات العقلية، كما يزعمون، قائمة
على اللغة، فنحن نفكر من خلال الكلمات ونتواصل من خلال الكلمات. والناس مرتبطون
بالحقيقة من خلال الأسماء التي يعطونها لإدراكاتهم وأفكارهم. وهذه الأسماء، التي
هي عبارة عن كلمات، تطلق بشكل عشوائي (أو اتفاقي) من المجتمع. وكلما ازداد أفكارنا تجريدا، وغالبا ازدادت
أهمية، كلما ازددنا اعتمادا على الكلمات لإعطاء المعاني. فإذا كانت اللغة هي طريقة
الناس للارتباط بالواقع فلابد إذن أن نفهم طبيعة اللغة.
وليست المشكلة فقط في الاختلاف بين
الثقافات، بل إن المشكلة في داخل الثقافة الواحدة: في اللغة نفسها. إننا نفهم
الطبيعة أو ما حولنا من خلال إطار اللغة التي نتحدثها. وحيث أن للغة منطق قائم على
أسلوب التركيب فليس لدينا طريقة لمعرفة إلى أي مدى تؤثر لغتنا في إدراكنا. فنحن
نسمي أشياء نراها في الطبيعة (أسبابا) ونسمي أخرى (نتائج) لكن من أين لنا أن نتحقق
من أن تلك الأشياء أسباب أو نتائج، أم أننا فقط أطلقنا تلك الكلمات بطريقة اتفاقية
(عشوائية) على أشياء يمكن أن ينظر لها بطريقة مختلفة. فيزعم أنصار ما بعد الحداثة
أنه ليس هناك طريقة لمعرفة ما إذا كانت قوانين اللغة هي نفس القوانين التي تحكم
الواقع.
وفي
الجملة، فمذهب ما بعد الحداثة يعتمد كثيرا على اللغة في طرحه لأفكاره، فمادامت
اللغة غير قادرة على أداء المعنى، وما دام النص يمكن تفسيره بعدة تفسيرات وليس
هناك مرجع معتمد لترجيح معنى على لآخر، وحتى لو حاولنا هذا الترجيح فسيكون عن طريق
اللغة نفسها. وما دامت الحقيقة هي ما تؤديه هذه اللغة، واللغة يبنيها المجتمع،
فليس هناك إذن حقيقة مطلقة. فما بعد الحداثة تتركنا غرقى في الشك، محاصرين بما
أسموه "سجن اللغة". فالواقع ـ بالنسبة لهم ـ تبنيه أو تعرفه الثقافة
واللغة ولا يكتشف بالعقل والملاحظة.[27]
فا"لإنسان"
بالنسبة لهم لا يولد، بل يحدد ويعرّف بواسطة مجتمعه وثقافته. والإجماع الثقافي
يحدد ويعرف الواقع. والإنسان يذوب في البنى الاجتماعية التي تحتم كل شيء[28].
هذه هي الملامح
الأساسية لما بعد الحداثة، تداخلت في تكوينها تيارات فكرية متنوعة، لكنها تلتقي
عند إعادة النظر في مفهوم العقلانية والموضوعية.
فما بعد الحداثة تقوم
على الذاتية مقابل الموضوعية، والتعددية مقابل الوحدة، وتنحو منحى التشاؤم
والانكفاء على الذات والذوبان في المجتمع، مقابل التفاؤل والفردية وتحقيق الذات.
وكما
تغلغلت الحداثة في شتى مناحي الفكر والحياة فكذلك فعلت ما بعد الحداثة، حيث صار
لها أثر في الأدب والفكر والفن والاجتماع وفي فلسفة العلم ذاته.
إذن،
فمذهب ما بعد الحداثة يقوم في الجملة على فرضية أساسية، وهي أنه ليس هناك حقيقة
مطلقة، أي ليس هناك حقيقة واقعية في خارج ذهن الإنسان، توجد بذاتها سواء آمنا بها
أم لم نؤمن بها، وإنما كل إنسان تنبني داخله الحقائق بفعل ثقافته ولغته، ويحكم على
ما يراه أو يقرأه بطريقة تفكيكية بحيث لا يكون لرأي الكاتب أي أثر على المعاني
التي يراها أمامه. فالحقيقة عندهم بنية ثقافية. والإنسان لا يمكن له أن يتخلص من
ذاتيته وليس لديه أصلا القدرة على الحكم الموضوعي بسبب ارتباط فكره بلغته.
وبناء
على هذا فكل الحقائق التي تتكون لدى الناس متساوية، وليس من حق أي إنسان أن ينتقد
حقائق ثقافة أخرى، وليس من حقه أن يقول إن ما لدي هو الحق وما سواه باطل.
ما بعد الحداثة والتعليم
بالرغم
من النقد الكثير الذي وجهته التيارات ما بعد الحداثية للحداثة في مجال التعليم،
إلا أنها لم تطرح فلسفة تربوية شاملة إلى الآن[29].
فأثر ما بعد الحداثة على التعليم كبير وإن كان غير واضح المعالم[30].
انتقدت ما بعد الحداثة مبالغة الحداثة في
تقدير العقل وتمجيده، كما انتقدت التركيز على العلم والمواد العلمية والمنهج
العلمي. وأنكرت أن يكون هناك حقيقة مطلقه قائمة خارج الذهن، وشككت في أن يكون
العقل قادرا على الحكم الموضوعي. وإنما العقل يبني الحقيقة، ولا يكتشفها، كما تقول
الحداثة، والعقل نفسه تبنيه الثقافة السائدة في المجتمع.
هذه
النظرة إلى الحقيقة انعكست على النظر إلى المعرفة، فالمعرفة في المنظور المابعد
حداثي تبنى في سياق ثقافي، ومهمة التدريس النقدي critical pedagogy هي أن تجعل الطلاب يتفحصون القيم والفرضيات والآيديولوجيات والمصالح
المنعكسة في المعرفة، ليقوموا بإنتاج المعرفة بدلا من بقائهم مستقبلين غير ناقدين[31].
وهذا يتم فيما يسميه التربوي النقدي بول فريري بتربية إثارة الأسئلة، مقابل ما
أسماه تربية الإيداع banking
education[32]،
التي تعتمد على ترحيل المعلومات.
النظرة ما بعد الحداثية أثرت على عناصر
العملية التربوية كافة. المعلم، والمنهج، وطرق التدريس والطالب.
المعلم
ما بعد الحداثة ترى أن مهمة المعلم ليست
ـ بل وليس من حقه ـ أن يقوم بنقل الحقائق كما يراها هو إلى ذهن الطالب، بل يساعده
في بناء حقائقه الخاصة التي يشكلها مجتمعه وثقافته.
الطالب
ما
بعد الحداثة تؤكد على أن الطالب يجب أن يتعلم أن لا يعتمد على الموضوعية التي
تزعمها الحداثة[33].
وقد كان لما بعد الحداثة أثر على طبيعة العلاقة بين الطالب والمعلم، فحيث لم يعد
ينظر للمعلم على أنه الخبير الذي يزود الطالب بالمعلومات، صار هناك تركيز على التفاعل
الفردي بين الطالب و"المعلم" والاستكشاف المشترك[34].
المنهج
في النظرة ما بعد الحداثية يجب أن يتكيف
المنهج مع الطلاب، بحيث يتناسب المحتوى والمهارات مع الطلاب وحاجاتهم. فهدف المنهج
أن يكون تحويليا Transformative، بحيث يمكن الطالب أن يتفحص ويدرك العالم من حوله أولا ثم يفهم
نفسه بشكل أكبر. ولذا فالأنشطة التعلمية ليست مخططا لها مسبقا، إنما تتقرر بناء
على رغبات الطلاب وعلى الطرائق التي يتم بها الفهم في أذهان الطلاب. فالمنهج في
النظرة ما بعد الحداثية يهتم بالطريقة التي يبني بها الطلاب المعرفة من منظورات
مختلفة، بأساليب تعلمية متنوعة وذكاءات متعددة، لا تعتمد فقط على الذكاء التقليدي
الرياضي المنطقي[35].
ويبتعد
المنهج ما بعد الحداثي عن النظرة الحداثية للمنهج التي تنحو المنحى التراكمي في
تقديم المحتوى، إلى المنهج التحويلي، الذي يسعى لإحداث تحويل في فهم الطالب لما حوله
ومن ثم فهمه لنفسه[36].
فيجب أن لا يحتوي المنهج على حقائق يراد نقلها إلى الطالب، ولا بد أن يحتوي على القليل
من التجريد والتنظير، وبدلا من ذلك يركز
على الاهتمامات الفردية للطلاب وعلى التطبيقات العملية[37].
ومن المعلوم أن من الأشياء الأساسية التي يقدمها
المنهج هي طبيعة الموجودات أو الحقائق، فعلى النظرة مابعد الحداثية يجب أن يؤصل في
أذهان الطلاب أنه ليس هناك حقائق خارج الذهن، وأن الحقائق تبنى عن طريق اللغة
وداخل الثقافة. ولذا فليس هناك حقائق مطلقة، بل هي حقائق نسبية.
والمنهج
ما بعد الحداثي لا يرفض الغيبيات أو يقلل من قيمتها كما تفعل الحداثة، بل يعترف
بها وربما يشجعها، لكن ليس على أنها حق، أو حقائق مطلقة، بل على أنها ثقافة شكلتها
منظومة اجتماعية خاصة. ويجب أن لا تتعدى إطار تلك المنظومة.
فموقفهم
من الدين يختلف عن موقف الحداثة. ففي حين أن الحداثة تنظر إلى الدين على أنه أمر
غير علمي، حيث أنه قائم على افتراض وجود كائنات غيبية (ميتافيزيقية) لا تدخل تحت
ما يمكن التحقق منه بالحواس وإدخاله تحت
نطاق التجربة. فصار في حس الحداثيين أن الدين خرافة بمعنى أنه مناقض للعلم. أما
مذهب ما بعد الحداثة فيرى صحة جميع الأديان. لا من حيث أنه يعترف بالوحي أو بوجود
الإله، بل من حيث أنها جميعا بنى ثقافية، ولا أحد يملك أن يحكم عليها بأنها خطأ.
فكل أصحاب دين يعتبر دينهم حق بالنسبة لهم. لذلك لا تحارب ما بعد الحداثة الأديان
بل تشجعها، بأي شكل كانت، وتدعوا للتعايش بين
الأديان جميعها دون استثناء، وترى أنها سواسية، إذ أنها ترى أنه ليس لدى أحد معيار
مطلق يمكن أن يقاس به الدين الحق من الباطل.
وبناء
على ذلك، فالأخلاق والقيم أيضا نسبية، وما يعتبر خلقا فاضلا في ثقافة قد يكون ظلما
في ثقافة أخرى، والعكس صحيح ايضا، فما بعد الحداثة تسوغ الشذوذ الجنسي ـ مثلا ـ
وترى أنه يجب أن يحترم رأي أصحابه. وترى أن النظر إليه على أنه خطيئة أوشذوذ، إنما
هو من صنع الثقافات الجائرة التي تريد أن تفرض "حقائقها" على أنها حقائق
مطلقة.
ولا
يفتأ ما بعد الحداثيين أن يؤكدوا على أن منظومة القيم التي يراد، بناء على المنهج
الحداثي فرضها، إنما هي من إفرازات للعلاقة بين العلم والسلطة، وأن السلطة هي التي
توجه العلم وتجعله مؤدلجا، وتستغله لفرض رأي الأغلبية.
طرق
التدريس
ولا تمدنا أدبيات ما بعد الحداثة بأمثلة
محددة يمكن أن تكون مكونات لنظرية تدريس متماسكة، تربط بين النظرية والتطبيق. بل
يرى بعض الباحثين أن التدريس من المنظور مابعد الحداثي يحتاج إلى اعتقاد بأن
التعلم يحدث في وسط ما يشبه الفوضى أو اللانظام chaos
، حيث يحتاج المعلم أن يتصور وينظم أوضاع
التعلم على شكل تيار غير منتظم وغير مؤقت من الاكتشافات والتناقضات وإعادة
الاكتشاف والمساءلة[38].
ويعزو بعض الباحثين ذلك إلى أن ما بعد الحداثة لا تركز كثيرا على إيجاد الحلول
بقدر ما تركز على البحث عن التعقيد والاحتمالات الحاضرة في المشكلة[39].
ويرى بعض الباحثين أن بحوث المنهج من
وجهة النظر ما بعد الحداثية ليس لها تطبيقات مباشرة في المواد الدراسية أو الممارسات
المدرسية، ويعلل هذا بأن ما بعد الحداثة تساهم، بدلا من ذلك، في إصلاح المدرسة
بإعادة تصور وفهم القضية من أساسها وتمكين التربويين من تحدي القناعات والمسلمات
واستشراف الإمكانات البديلة للتغيير، والتطبيقات الصفية المباشرة تظهر من خلال
السياقات الخاصة، بدلا من فرض مبادئ عامة[40].
ويؤكد بعض الباحثين أن الإرباك وإيجاد
عدم سكون وتنظيم الذات هي خصائص طرق التدريس ما بعد الحداثية، إذ وجود قدر كاف من
الاختلال وعدم السكون يقود إلى تغيير نظام القناعات والمسلمات[41].
فالتصور ما بعد الحداثي للتعلم مبني على
الاعتقاد بأن كل فرد يصنع المعنى من مصادر مختلفة، بدلا من استقبالها جاهزة من
خبير[42].
ولذلك فهناك تركيز تام في طرق التدريس على الحوار والاستكشاف، مع التقليل من دور
المعلم بوصفه مصدرا للمعلومات. وبينما انتهجت بعض الاتجاهات التي لا تنتمي إلى
تيار ما بعد الحداثة منهج الاسكتشاف، فإن ما بعد الحداثة تنتهج هذا الأسلوب لا على
أنه سبيل لاكتشاف الحقيقة بل على أنه جواب مؤقت إلى حين يتم اكتشاف غيره[43].
نظرية
التعلم
تتسق
الرؤى ما بعد الحداثية للتعلم مع النظرة البنائية التي ترى أن المتعلم يبني
المعرفة في ذهنه[44].
تبنت ما بعد الحداثة ـ بشيء من التطرف أحيانا ـ النظرة البنائية الاجتماعية للتعلم
( social constructivism)
التي تقول إن الطالب يقوم ببناء المعرفة داخل ذهنه، وهذا البناء يتم في سياق
اجتماعي ليس له صفة الإطلاق.
وبالرغم
من تبني ما بعد الحداثة للنظرية البنائية الاجتماعية والتأكيد على جانبها الفلسفي،
فإن بعض الباحثين يؤكد على هذه النظرية إنما هي نظرية تعلم وليست نظرية في التدريس[45]،
مما قاد إلى اختلاف كبير ـ وربما سوء فهم ـ في تطبيقات تلك النظرية في الصف
الدراسي[46].
البنائية
Constructivism
تعود أصول هذه النظرية إلى افكار كثير
من التربويين وعلماء النفس، من أشهرهم: جون ديوي وبياجيه وفايجوتسكي وبرونر. ويرى
برونر أن فرضية البنائية الأساسية هي أن المعرفة إنما تكون صوابا أو خطأ من
المنظور الذي ننظر لها من خلاله. وهذا الحكم مهما اجتهدنا في التحقق منه لا يصل
إلى درجة الحقيقة المطلقة أو الخطأ المطلق. فأفضل ما يمكن أن نحصل عليه، إذن، هو
أن ندرك منظورنا ومنظور الآخرين عندما نحكم بالصواب أو بالخطأ[47].
كسبت البنائية مزيدا من الاهتمام في
السنوات الأخيرة. فهي نظرية عن المعرفة والتعلم، إذا تقدم تصورا عن المعرفة وعن
الطريقة التي يحدث بها العلم. وهي ترى أن المعرفة مؤقته (غير دائمة) نامية، وغير
موضوعية وتبنى داخليا وتتأثر بالثقافة والمجتمع (Fosnot, p. ix).
في حين ترى المدرسة السلوكية أن المعرفة
لها وجود حقيقي منفصل عن المتعلم وأن مهمة المعلم نقل هذه الحقائق إلى ذهن
المتعلم، ترى البنائية أن الإنسان يبني كل المعارف داخل ذهنه، وليس هناك شيء منفصل
عن المتعلم. فالتعلم يحدث عندما يقوم المتعلم ببناء آليات التعلم الخاصة به
بالإضافة إلى نسخته الخاصة من المعارف، متأثرا في ذلك بخبراته ومهاراته وخلفيته
الاجتماعية. (Roblyer,
1997, p. 56).
ترى
النظرية البنائية أن المتعلم يبني بنفسه فهمه الخاص عن العالم من حوله بدلا من أخذ
هذا الفهم عن الآخرين. فالبنائية تضع المتعلم في مركز عملية التعلم. (Eggen & Kauchak, 1996)
تحاول الاستراتيجيات البنائية أن تفسر
وتعالج النقص الذي في النظرية السلوكية ونظرية معالجة المعلومات. فيحاول البنائيون
لفت نظر المتعلمين لرؤية العلاقة بين ما يدرسونه وبين حياتهم اليومية وتسهيل
استخدام المهارات التي سبق تعلمها لتعلم مهارات ومعارف جديدة. Roblyer,
1997, p. 65
القضية
الأساسية في البنائية هي أن المعرفة تبنى ولا تنقل، وأن المتعلم يبني المعرفة في
ذهنه. وهذا ما يسمى بالبنائية المعرفية. وهناك فرع آخر يسمى البنائية الاجتماعية
يؤكد على دور المجتمع وتفاعل الفرد معه على تكوين هذه المعرفة. " فالبنائية
المعرفية تتفحص الطريقة التي يبني بها الفرد فهمه للأشياء من حوله من خلال عملية
حل المشكلات. وفي المقابل تركز البنائية الاجتماعية على أثر السياق الاجتماعي على
بناء المعرفة" Reynolds,
et al, 1996 عن Jensen, 1998)[48].
وهذا ما جعل التوجهات ما بعد الحداثية تتبنى هذه النظرية.
المراجع
مقاربات في الحداثة
وما بعد الحداثة. محمد الشيخ و ياسر الطائري. 1996 دار الطليعة بيروت
إشكالية المنهج في
العلوم الاجتماعية العربية المعاصرة. عبيد الله العمري، و عبد القادر العرابي.
كتاب الرياض 99، 1422
أقلمة المفاهيم
(2002) عمر كوش. المركز الثقافي العربي. تاريخ الفكر الأوربي الحديث.
ما بعد الحداثة
والعقل والدين.(2001). أرنست غيلنز. ترجمة معين الإمام. دمشق: المدى.
المناحي الجديدة
للفكر الفلسفي. (1999) سالم يفوت. دار الطليقة: بيروت.
نظرات حول الإنسان.( 1983). روجيه
جارودي. ترجمة يحيى هويدي. المجلس الأعلى للثقافة
Armstrong, D. et al. (2001). Teaching Today: An
Introduction to education. Upper Saddle: Merrill Printice Hall. P. 347.
Best, S. & Kellner, D. (1991).Postmodern Theory:
Critical Interrogation
Bruner, J. (1990). Acts of Meaning. Cambridge:
Harvard University Press.
Caine, R. & Cane, G. (1997). Education on the Edge of
Possibility. Alexandria
(VA): ASCD.
Carol Nicholson. Postmodernism, Feminism, and Education.
The Need for solidarity. Postmodernism. Glenn Ward. (1997). NTC Publishing
Group. (p. 4, 13).
Denig, S. (1999) Postmodernism and its effect on the
teaching of values in public schools.. Paper presented at the annual meeting of
the American Educational research Association. Montreal. Quebec. Eric: ED 436497.
Doll, W. (1993). A Post-Modern Perspectives on
Curriculum. New York:
teachers College Press. p. 3.
Freire, P. (1999). Pedagogy of the Oppressed. New York: Continuum.
From Socrates to Sartre: The Philosophic Quest. (1989)
T.Z. Lavin.
Fundamentals of Philosophy, (1996). David Stewart and H.
Gene Blocker. p. 247.
Good, T. & Brophy, J. (2000). Looking in classrooms.
P. 452. New York:
Longman.
Haushildt, P & Wesson, L. (1999). When postmodernism
thinking becomes pedagogical practice. In Teaching Education.
10,2,123-129.
Leistyana, p. (1999). Presence of Mind: Education and the
politics of deception. Westview Press.
Reagan, T. (1999). Constructivist epistemology and
second/ foreign language pedagogy. Foreign language Annal, 32, No 4.
Philosophy and Philosophers, (1993). John Shand.
Philosophy of Education: An encyclopedia. 1996,
Slattery, P. (2000). Postmodernism as a challenge to
dominant representations of curriculum. In Jeffrey Glanz & Linda
Behar-Horeensein (Ed). Paradigm debate in curriculum and supervision. Westport: Bergin &
Garvey.
Supervision from Six theoretical frameworks.
The Death of Truth, (1996), Dennis McCallum (edit)
Tarnas,
R. (1991). The Passion of the Western Mind.
Gergen, K. (1991). The Saturated Self.
[1] Carol Nicholson.
Postmodernism, Feminism, and Education. The Need for solidarity. Educational
Theory. Summer, 1989. Vol. No. 3 p. 197. (نقلا
عن مقاربات في الحداثة وما بعد الحداثة)
[2] . Postmodernism. Glenn Ward.
(1997). NTC Publishing Group. (p. 4, 13). وانظر:
جيلنر، إرنست (2001) ما بعد الحداثة والعقل والدين. ترجمة معين الإمام. دار المدى:
دمشق.
[3] . Fundamentals of Philosophy,
(1996). David Stewart and H. Gene Blocker. p. 247.
[5] . Doll, W. (1993). A Post-Modern
Perspectives on Curriculum. New York:
teachers College Press. p. 4
[6] . إشكالية المنهج في العلوم الاجتماعية العربية
المعاصرة. عبيد الله العمري، و عبد القادر العرابي. كتاب الرياض 99، 1422
[7] . The Passion of the Western
Mind, (1991). Richard Tarnas.
[8] . تعالى الله عما
يقول الظالمون علو كبيرا.. (قتل الإنسان ما أكفره.. من أي شيء خلقه .. من نطفة
خلقه فقدره ثم السبيل يسره.. ثم أماته فأقبره...)
[9] . From Socrates to Sartre: The Philosophic
Quest. (1989) T.Z. Lavin.
[10]
. Philosophy and
Philosophers, (1993). John Shand.
[11] . Postmodern Theory: Critical
Interrogation (1991). Best, S. & Kellner, D.
وقد كان فوكو عربيدا وشاذا جنسيا، وعانى
طوال حياته من أزمات نفسية.
[12] . Postmodern Theory: Critical
Interrogation (1991). Best, S. & Kellner, D. (p. 34).
[13]. إشكالية المنهج في العلوم
الاجتماعية العربية المعاصرة. عبيد الله العمري، و عبد القادر العرابي. كتاب
الرياض 99، 1422
[14] .
أقلمة المفاهيم (2002) عمر كوش. المركز الثقافي العربي. وانظر روجيه جارودي. نظرات
حول الإنسان. ص 25
[17] From Socrates to Sartre: the
philosophic quest. p. 326.
[23] . The Saturated Self, Gergens
p. 139
[24] Postmodern Theory: Critical
Interrogation (1991). Best, S. & Kellner, D. (p. 34).
[25] . Postmodern Theory: Critical
Interrogation (1991). Best, S. & Kellner, D. (p.50).
[26] . الثقافة في هذا السياق هي الثقافة بمفهومها
العام الذي يعني مجموع الأفكار والمعتقدات والموروثات التي ترتبط بشعب معين.
[27] See: The Passion of the
Western Mind, Richard Tarnas, p. 399, and The Death of Truth.
[28]. إشكالية المنهج في العلوم الاجتماعية العربية المعاصرة. عبيد الله
العمري، و عبد القادر العرابي. كتاب الرياض 99، 1422
[29] Philosophy of Education: An
encyclopedia. 1996, p. 403
[30] . Doll, W. (1993). A
Post-Modern Perspectives on Curriculum. New
York: teachers College Press. p. 3.
[31] . Leistyana, p. (1999).
Presence of Mind: Education and the politics of deception. Westview Press.
[32]
. Freire, P. (1999). Pedagogy of the Oppressed. New York: Continuum.
[33] Philosophy of Education: An
encyclopedia. 1996, p. 403
[34]
. Doll, W. (1993). A
Post-Modern Perspectives on Curriculum. New
York: teachers College Press. p. 4.
[36] . Denig, S. (Postmodernism and
its effect on the teaching of values in public schools. (1999). Paper presented
at the annual meeting of the American Educational research Association. Montreal. Quebec. Eric: ED 436497.
[37] . Armstrong, D. et al. (2001).
Teaching Today: An Introduction to education. Upper Saddle: Merrill Printice
Hall. P. 347.
[38] . Haushildt, P & Wesson,
L. (1999). When postmodernism thinking becomes pedagogical practice. In Teaching
Education. 10,2,123-129.
[39] Haushildt, P & Wesson, L.
(1999). When postmodernism thinking becomes pedagogical practice. In Teaching
Education. 10,2,123-129.
[40] . Slattery, P. (2000).
Postmodernism as a challenge to dominant representations of curriculum. In
Jeffrey Glanz & Linda Behar-Horeensein (Ed). Paradigm debate in curriculum
and supervision. Westport:
Bergin & Garvey.
[41]
Haushildt, P & Wesson,
L. (1999). When postmodernism thinking becomes pedagogical practice. In Teaching
Education. 10,2,123-129.
[42] . Caine, R. & Cane, G.
(1997). Education on the Edge of Possibility. Alexandria (VA): ASCD.
[43] .
[43] Haushildt, P & Wesson, L.
(1999). When postmodernism thinking becomes pedagogical practice. In Teaching
Education. 10,2,123-129.
[44]. Armstrong, D. et al. (2001).
Teaching Today: An Introduction to education. Upper Saddle: Merrill Printice
Hall. P. 347.
[45]. Reagan, T. (1999).
Constructivist epistemology and second/ foreign language pedagogy. Foreign
language Annal, 32, No 4. See also: Good, T. & Brophy, J. (2000). Looking
in classrooms.
[46] . Good, T. & Brophy, J.
(2000). Looking in classrooms. P. 452. New
York: Longman.
[47] . Bruner, J. (1990). Acts of Meaning.
Cambridge: Harvard University
Press.
[48] Supervision from Six
theoretical frameworks.
أضف تعليق